الأربعاء، 29 فبراير 2012

الدهاليز

في عتمة الدهاليز الباردة
تجد نفسك تلمس الجدران المحيطة بك
تتحسسها ببطئ , كأنك تربت عليها أو تبحث في نتوئاتها عن إجابة 
تحيط بك رائحة أشبه برائحة الطين بعد هطول المطر 
أو لعلها الرطوبة تملأ المكان 

تتخذ أحد الزوايا الأربع المحيطة بك فراشا لك
تتكئ عليها تارة و تتكئ هي عليك تارة أخرى
نعم فالجدران تضغط عليك و تخنقك بدورها 
و كأن ما يحيط بك لا يكفي في نظرها لإفساد يومك

تستمع لذلك الصوت المتقطع المستمر في تناغم مدروس
إنها قطرات الماء تقطر على رأسك و أكتافك 
تفتح يدك لتلتقط بعضها في كفك
تتذوقها 
تكره طعمها الممزوج بطعم التراب 

تنظر لذلك الباب الحديدي الذي تحول لونه للون النحاسي من شدة الصد
تبتسم لإدراكك مدى هشاشاته و ضعفه
ركلة من قدمك أو دفعة من يد تأتي من الخارج ستفتحه

مشكلتك لا تكمن في الباب الصدأ 
و لا في الهواء الذي جمد جسدك 
و لا في صوت خطوات الأقدام التي تسمعها من خلف ذلك الباب
لأنك تدرك أنها ليست خطوات سجّانك
و لأنك تعلم جيدا أن سجّانك لا يريد تعذيبك 
فأنت سجّان نفسك 
أنت من وضع تلك القيود السوداء الباردة على يديك بنفسك 
ثم ألقيت المفتاح بعيدا حيث لا تطاله

تنظر ليديك كل ساعة , تحرك تلك الأصفاد الثقيلة صعودا و نزولا 
ترى تلك الخطوط الحمراء مكانها , كأنها أساور من الدماء على جلدك
, تزداد إحمرارا و التهابا مع مرور الزمن
تلمسها , كأنك تربت على نفسك بلطف لأنك لم تجد من يربت عليك

أنت السجان و أنت الضحية 
إمامك طريقين 
إما الإختباء و التظاهر بأنك جزء من تلك الغرفة المظلمة
أو الصراخ و طلب المساعدة عند سماع الخطوات في الخارج 

لعل أحدهم يأتي يفك أصفادك و يريحك للأبد .



الخميس، 23 فبراير 2012

الذاكرة المدفونة

لسنين طويلة 
كنت بتعامل مع نفسي على إني حد مختلف
حد يتضرب ما يقولش أه
يتوجع ما يحسش
يشوف حاجات تدايقه يبتسم
حد يجرحه ينسى

حد يئذيه بعد فترة تلقيه من أعز أصدقائه 

شخصية غريبة كده 

مالهاش مسمى معين في عالم الشخصيات

كنت بفتكر إن قدرة التحمل عندي عالية قوي 
أو إن كل اللي عدا عليا حاجات تافهه و مش مهم الكلام فيها

دافنة كل شيء جوايا بعيـــــــــــــد

بعيد قوي لدرجة إني نسيت مكانه 

من فترة مش طويلة اتعرفت

 على بنوتة جميلة كده بالصدفة أونلاين

ومفيش بعد شوية كلام لقيتني بحكيلها على حاجات غريبة قوووي
حاجات عمري في حياتي ما حكيتها لحد

و لا حتى كلمت بيها نفسي

ظروفي اللي مريت بيها

التجارب القاسية اللي شفتها

مخاوفي و أحلامي و مشاعري

فضفضتلها بكلام كتير قوي 
لدرجة إنها ما كانش مستوعبة هل أنا كده مع كل الناس
و لا أنا ارتحتلها فعلا 

سؤالها كان مفاجئ بالنسبة ليا جدا 
أنا انتبهت فعلا إن في حياتي ما حكيت شيء زي ده لحد
أنا عشت 19 سنة تقريبا من حياتي 
بمثل دور الفتاة المثالية في الأسرة المثالية
لحد ما سافرت و ما بقتش مضطرة أمثل خالص
بس اعتبرتها مرحلة و خلصت و قفلت عليها بالمفتاح

النهاردة كنت مع معيدة من المعيدات 
هي غالية على قلبي
سئلتني سؤال و السؤال دار جر معاه سيل من الفضفضة من ناحييتي

كأن بوابة الأسرار اتفتحت فجأة
و الشخصية اللي انا رسماها لنفسي مش هي خالص الموجودة



اكتشفت إني لا قوية و لا هباب
و لا سوبر جيرل يعني


 و لا فاقدة الذاكرة و عندي زهايمر زي ما بقنع نفسي دايما

طول عمري بكتب على إيدي عشان ما أنساش لو فيه حاجة مهمة
بس الحقيقة اللي ظهرتلي بعد الفضفضة إني مش ناسية حاجة خالص
و إن ذاكرتي الضعيفة دي كدبة كدبتها على نفسي و صدقتها

حاسه إن اليومين اللي اتكلمت فيهم دول مع أكتر من حد
غيروني قوي 
أو بالأحرى طلعوا الحقيقة اللي كنت دفناها جوايا

مش عارفة آخر التدوير في البير ده حاجة حلوة و لا كويسة ؟
هل البحث عن أصول الأشياء ممكن يحللي عقدي و مشاكلي دلوقتي ؟
و لا التفكير في الألم بيزوده و يخليه يصحى تاني ؟