الخميس، 7 مايو 2015

حديث الروح

في غرفة يكسوها اللون الوردي 
تجد شمعة كبيرة وردية اللون تشتعل في قارورة زجاجية تحيطها من الجوانب
رائتحها أقرب لبودرة الفراولة المختلطة برائحة مساحيق التجميل طبيعية المصدر 
رائحة قد تعرفها الفتيات فقط 

تحب هيا ذلك المزيج بين دفئ الشمعة الكبيرة 
و برودة مكيف الهواء الذي يتسلل لجسدها عبر رداء نومها الوردي أيضا 

لا تسمع في الغرفة سوى صوت أصابعها الرقيقة ترتطم بهاتفها الخلوي 
لتكتب حروفا تحادث بها أحد أصدقائها 

" إزيك ؟ " يبادرها بالسؤال بإهتمام شديد 
" الحمد لله مبسوطة و مرتاحة " ترد 
" مبسوطة و مرتاحة ؟ الإتنين ؟ " يرد عليها مازحا 

تظهر إبتسامة على وجهها الصافي و هي تستعد للرد :
" أصل الدنيا كانت بتشتي النهاردة , شتت جاااامد قوي و كان فيه رعد و برق و حركات
" طب دي فهمنا منها إنتي مبسوطة ليه , مرتاحة بقا ليه يا ستي ؟ " يرد متسائلا بفضول القط الذي لديه 

تصمت لبرهة تلعب في شعرها الذي طال عما تحب هيا في العادة 
تلف خصلة منه على أصبعها الطويل و تلف و تلف ثم تتركها لتنسدل و هي تكتب :
" بصراحة أنا كنت تعبانة معاه قوي , كنت دايمة حزينة , كان دايما قاتل الفرحة جوايا "

يصمت لتكمل هي حديثها :
" مكنتش بلحق أفرح , كان دايما مطلوب مني أقف جنبه , مش دايما كان هوا اللي بيطلب ده بنفسه بس في ظل الظروف و القرف المستمر اللي هوا كان عايش فيه مكانش ينفع أبدا أتخلى عنه حتى لو عايزة ده "
يفاجئها سؤاله : " و إنتي كنتي عايزة ده ؟ "
تصمت ثواني و ترد : " أنا كنت عايزة أبقى مبسوطة "
و تكمل : 
" البنت الجدعة متسيبش حبيبها في ورطة و لا تتخلى عنه في مشاكله , المفروض تقف جنبه لحد ما يقف على رجله ....
   يمكن أكتر حاجة وجعتني إنه مقدرش وقفتي في ظهره و إني كنت متخيلة إن لما كل المشاكل دي تخلص حيعوضني عن صبري معاه
"

يرسل لها وجها مبتسما بإبتسامة لطالت قالت عنها أنها ابتسامة صفراء 
لترد هيا بنفس الإبتسامة عقابا له 

" أنا أسف " يرد سريعا 
" الجزاء من جنس العمل " ترد ممازحة 
تنظر لرواية بجانبها و تسئله : " إنت قرأت هيبتا ؟
يرد بثقة : " طبعا

" يبقى أكيد حتفهمني لما أقولك إني كنت قد وجعه بس هوا مكانش قد وجعي " تقولها متسائلة 
" إنتي قد أي وجع يا نون , لأنك جدعة , جدعة قوي و استحالة تتخلي عن حد بتحبيه مهما شفتي منه " يرد عليها 
" العلاقة كانت كلها حزن , مش كلها قوي يعني أكيد كنا بنبقى فرحانين مع بعض كتير  , بس دايما كان فيه شيء بيقتل الفرحة جوايا و جوا عيلتي بسببه , كنا كل ما نستعد لفرحة كبيرة يقتلوها بدم بارد , تفتكر كنت غلطانة لما كملت فيها من البداية ؟ " تسئله و هيا تعرف الإجابة .
" لأ " يرد بإقتضاب 
" إنت ممل على فكرة " ترد بعصبية 
" و إنتي مش عارفة قيمة نفسك خالص " يرد بعصبية أكثر منها 

تصمت قليلا لتسرح بخيالها في بعض المقاطع السريعة من العلاقة ككل 
فرح حزن فرح حزن حزن حزن فرح حزن و الكثير الكثير من المشاكل و الكبرياء و سوء الظن .
يقاطع صمتها قائلا :
"  مش يمكن سابك عشان بيحبك  ؟ يمكن كان عارف إن القرف حيستمر حيستمر مهمها حاول ؟ " يتسائل و هو دائما صاحب الإجابات العميقة لا الأسئلة .
" نون " يذكر اسمها و يصمت 

ترد بعد صمت طويل : 
" اللي بيحب بجد عمره ما يمشي , عمره ما يسيب و اللي قال مقولة إذا أحببت شيئا فأطلق سراحه كان بني أدم إنهزامي و أهبل متزعلش مني . اللي بيحب حيحارب عشان يسعد حبيبه مهما الظروف كانت مقرفة , اللي بيحب بجد بيشوف بكرة أحلى و السلبية و التشاؤم مش بيعرفوله طريق "

"
كده تبقي فهمتي كويس اللي أنا عايز أوصلهولك " يرد مرتاحا
"
 يا ربنا عاللف و الدوران " ترد متأففة و هيا تنفخ خداها بشكل مضحك
" أهم شيء إنك متندميش على حاجة خالص يا نون " ينصحها بأسلوبه الرقيق
 " لا الحمد لله أنا عملت اللي عليا و زيادة و معنديش حاجة تخليني لو مجاليش الزهايمر و افتكرت بعد عشرين سنة اللي حصل أندم خالص " ترد بثقة شديدة .

"
بصي يا نون إنتي ربنا بيحبك و حبب خلقه فيكي , إنتي عارفة إن مفيش حد بص في وشك إلا و حبك " يكتب لها 
" ما أنا عارفة إني مزة " ترد ممازحة 
" و مغرورة كمان و لسانك عايز قطعه " يرد عليها 
" لا بجد أنا مبسوطة فعلا و حاسة إن ربنا شايلي حاجة كبييييييرة قوي قدام " تكتب و هي تبتسم 
" طيب يا ستي ربنا يبسطك كمان و كمان و نشوفك متجوزة و مخلفة عيال كتير شبههك , بس ابقي نقي كويس المرة دي بقا مش عايزين النسل بتاعك يبوظ أرجوكي " يرد و هوا يعلم أنه سيلقى عقابا على هذه الكلمات .
" طب اتخمد عشان إنت بدأت تهبل بقا , يلا سامو عليكو " ترد عليه بغضب 
" سامو عليكو ؟ إنتي منين يا بت ؟ " يسئل متعجبا 
" من باب عمر " ترد ضاحكة و تقفل شاشتها و تنام .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق